آخر الأخبار |
مقالات تحليلية، آراء وخواطر

قصتي مع ملف التربية الدامجة واضطرابات التعلم في ظل اضطرابات سياسة الوزارة
  
   

التاريخ : 28-01-2019 مطالعات : 7673

الدكتورة سلوى العباسي، متفقّدة اللغة العربية بالمندوبية الجهوية للتربية بأريانة تتحدّث عن تجربتها ورؤاها في ملفّ التربية الدّامجة الذي يهمّ مئات الآلاف من التّلاميذ في تونس.

الجميع يعلم أنني أنتمي إلى ثلة قليلة من متفقدي الابتدائي والثانوي تهتم بملف اضطرابات التعلم ( عسر القراءة والكتابة والرسم والحساب والتواصل وتنظيم الفضاء ..) وأن عدد المتعلمين الذين يعانون هذه الاضطرابات عدد لا قل عن 700 الف حالة من الابتدائي الى الثانوي وهم ليسوا من ذوي الاعاقة ولا متدني مستوى الذكاء ولكن لهم صعوبة في معالجة المعلومة اللغوية والحسابية القادمة من محيط التعلم لعوامل جينية عصبية.

هذا الملف الذي أصبح يحمل تسمية التربية الدامجة لا يزال يراوح مكانه في وزارة التربية نتيجة بطء التعامل مع مشاكله الحقيقية وصورية القرارات والإجراءات التي لم تتعد ورشات تكوينية ذات مداخل نفسية فضفاضة عامة يجتهد الأخصائيون النفسانيون المنتدبون بالمندوبيات في القيام بها بمعاناة شديدة وهي ورش تكوينية لم تعط حد الآن أكلها في الممارسات التعليمية التعلمية التقويمية للمدرسين الذين لا يزالون يعبرون عن صعوبات تطبيق حقيقية تجعلهم متمكنين من آليات التطويع والمواءمة البيداغوجية المطلوبة لانصاف هذه الفئة من المتعلمين وإنقاذهم من الفشل الدراسي الذي يؤدي غالبا الى الانقطاع المبكر.

كان اهتمامنا بالملف على مدى سنوات وخلال في ندوات الاصلاح التربوي التي افضت الى بناء وثيقة مرجعية لم يطبق منها الا النزر القليل. واقتصر الامر على مناشير ومذكرات لا تزال حبرا على ورق.

ثم هاتفت هذه السنة السيد وزير التربية الحالي شخصيا وطلب اجتماعا عاجلا مع السيد الكاتب العام بالوزارة حضره متفقدون ومدرسون وكانت معنا السيدة إلهام بربورة المكلفة بالملف في وزارة التربية وقدمنا لها مجموعة من التوصيات هي كالآتي:

هيكلة الوزارة :

  • بعث إدارة مركزية للتربية الدامجة والتعهد بذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم تعنى مباشرة بهذا الملفّ وتسعى إلى التنسيق داخل وزارة التربية وخارجها مع بقية الهياكل والمؤسسات والوزارات.

  • بعث مراكز جهوية للتعهد بذوي الاحتياجات الخاصة داخل المندوبيات ينشط داخلها مختصون في التربية العصبية وعلوم النفس والاجتماع والبيداغوجيا الخصوصية الدامجة وتقويم النطق والعلاج الحسي الحركي... بالشراكة مع وزارات الصحة والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والمرأة والأسرة مع تعيين مسؤولين من وزارة التربية يهتمون بحسن سير هذه المراكز واستمرارية أنشطتها وتدخلها التدخل الناجع داخل المؤسسات التربوية .

التكوين :

  • تعميم التكوين في "التربية الدّامجة" على جميع الفاعلين التربويين المعنيين بذوي الاحتياجات الخاصّة ونخصّ بالذّكر المتفقدين المختصين في هذا المبحث و سبل المواءمة البيداغوجية وتطويع المناهج التعليمية وبناء الفروض المناسبة لهؤلاء المتعلّمين وامتحاناتهم إنجازا وإصلاحا بعد تمكينهم عن طريق المندوبيات الجهوية من قاعدة بيانات إحصائية مدقّقة للحالات المتواترة في المؤسسات العائدة إليهم بالنّظر.
  • الشراكة مع وزارة التعليم العالي لبعث شهادة الماجستير المختصة في التربية الدامجة واضطرابات التعلم بمتابعة دروسها في المعهد العالي للتكوين المستمر بباردو تحت إشراف جامعيين، وتمكين المتفقدين والمدرسين وسائر الفاعلين التربويين من فتح آفاق علمية تطور هذا المبحث وتنمي موارده البشرية وكفاءاته من شتى التخصصات.
  • جعل التربية الدّامجة محورا أساسيا من محاور تكوين المتفقدين الجدد تشكّل كفاية من كفاياتهم المهنية ومجال تخصّص بحثي بيداغوجي يعتمد في الترقيات المهنية وفي أداء مهام المتفقّدين العامّين الخبراء داخل الجهات. (تعديل المنشور الخاص بالمناظرة الخارجية والتكوين).
  • الاطلاع على تجارب البلدان المتقدّمة في هذا المجال والاستفادة من خبراتهم العملية في هندسة المناهج وتوفير المعينات والميسرات التعليمية المناسبة.
  • تطوير كفاءات المختصين النفسانيين وإخضاعهم لدورات تكوينية وتدريبات بالتعاون مع وزارتي الصحة والتعليم العالي.
  • إرساء برنامج وطني للتكوين في التربية الدّامجة يعمّم على جميع أصناف المدرّسين من التحضيري حتّى الثانوي تعتمده الإدارة العامّة للبرامج والتكوين المستمرّ وتعمل على تنفيذه مراكز التكوين الجهوية داخل المندوبيات.
  • بناء أدلّة عمل تكون دقيقة المداخل والأجهزة مرنة التطبيق تسمح باستيعاب مجمل الحالات المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة ومظاهر العسر التعليمي المتّصل بتعلّم اللغة (نطقا وقراءة وكتابة) وبتعلّم الحساب وأنواع القصور أو المشاكل العضوية الحركية في علاقة ب"المنهاج التعليمي الخصوصي" المزمع تطبيقه مع الإصلاحات التربوية المقررة في مخرجات المنهاج الدراسي العام ومناهج المواد.

التنظيمات البيداغوجية والحياة المدرسية والامتحانات الوطنية :

  • مراعاة كثافة الحالات الخاصة داخل المؤسسات في نسب الاكتظاظ و توزيعية جداول أوقات المدرسين وعدد ساعات العمل ونشر شبكة النوادي التثقيفية التربوية المختصة في التربية الدامجة.
  • تطوير منظومة الحياة المدرسية وتهيئة الفضاءات التعليمية والتثقيفية لاستيعاب أنشطة التربية الدامجة داخل الفصول وخارجها بمشاركة مديري المؤسسات والقيمين ومستشاري الإعلام والتوجيه والعملة وسائر الفاعلين التربويين المشتغلين داخل الفضاء التربوي بإرساء مقاربة تشاركية دامجة تتعاون مع الجمعيات ذات الصلة ومكونات المجتمع المدني.
  • انتداب مربين مختصين في المرافقة الخصوصيّة والدمج المدرسي يمثلون همزة وصل بين الفصول والحياة المدرسية و يعملون على تذليل عوائق التعلّم واستخدام وسائل المرافقة والتعهّد والدعم والعلاج المناسبة بالتنسيق مع متفقدي المواد والمدرّسين والأخصائيين النفسانيين والمراكز الجهوية للتعهد بذوي الاحتياجات الخاصة ومختصيها في تقويم النطق والتقويم البيداغوجي والعلاج النفسي العصبي والحركي.
  • تخصيص حصص دعم وعلاج ودروس تدارك خاصة بأصحاب الصعوبات وذوي الاضطرابات والموهوبين وذوي الإعاقات العضوية تنجز داخل المؤسسات التربوية بالتنسيق مع متفقدي المواد والمدرسين والمختصين العاملين داخل المراكز الجهوية للتعهّد بذوي الاحتياجات الخاصة.

بيداغوجيا الدّمج والتعليم - التعلّم الدّامج :

  • تطويع مناهج التعليم من أجل اتباع مقاربات بيداغوجية تعتمد "المنهاج الخصوصي"(le curriculum personnalisé) و تعوّل على طرق "المواءمة البيداغوجية" و"التطويعات التعليمية" المناسبة للحالات الموجودة داخل الفصول والمؤسسات حالة بحالة، ويكون ذلك تحت إشراف متفقدي المواد بالتنسيق مع الأخصائيين النفسانيين والمراكز الجهوية للتعهد بذوي الاحتياجات الخاصّة.
  • بناء وسائل تعليمية وميسرات ومعينات بيداغوجية ترفد أدلّة المدرسين في التربية الدامجة بالاستفادة من المستجدّات الكونية والتجارب الرائدة في المجالات الرقمية والتجهيزات ووسائل التدريس الخاصة بالتربية الدامجة والعمل على "تونستها" وتعريبها ثم جعلها ناطقة باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية بالتعاون مع خبراء الإعلامية في وزارة التربية والجمعيات ذات الصلة.

في تشخيص الحالات الخاصة بالاضطرابات والإعاقات وتحديدها وتصنيفها :

  • التعاون مع وزارات الصحة و التعليم العالي والشؤون الاجتماعية والمرأة لبناء خطة وطنية للتعهد بذوي الاحتياجات الخاصة تبدأ بالتشخيص المبكر للحالات منذ فترة الطفولة والتحضيري و تعنى برعاية الأمهات الحوامل ومراقبة فترة الحمل للوقاية من الإصابة بالأمراض ذات العوامل الجينية العصبية التي تتسبب في انتشار الإعاقات العضوية والذهنية وتواترها.
  • تمتيع كل الأطفال المتمدرسين التونسيين بدفتر علاج صحي مجاني تدون فيه تواريخ المراقبة الصحية البدنية والنفسية منذ الطفولة المبكرة وخلال فترات التعلم ومراحله من الابتدائي حتى الثانوي يكون من لواحق الملفات الصحية المدرسية وتمكّن المؤسسات والمتفقدون والمدرسون ولجان الامتحانات الوطنية من تلك الملفات مع احترام شروط سرية المعطيات الشخصية.
  • تطوير منظومة الاختبارات النفسية لقيس الذّكاء والتعجيل بتصميم اختبار تونسي موحد محكّم يخضع الى محددات علمية صارمة يصادق عليها الأطباء والعلماء المختصون في المجال النفسي العصبي يكون على ذمة وزارة التربية ويقع تعميمه مجانا على جميع المؤسسات التربوية ليستخدم منذ السنة الثالثة من التعليم الابتدائي بغية التشخيص والتحديد وبناء قاعدة بيانات وطنية ثابتة يقع تحيينها في بداية كل سنة دراسية.

منظومة التوجيه المدرسي في علاقة بالتكوين المهني والتشغيل :

  • ترشيد منظومة التوجيه المدرسي وجعلها تستجيب لقدرات ذوي الاحتياجات الخاصة وتوافق مؤهلاتهم وتستثمر في اختلافهم وأنواع ذكائهم بالتشجيع على تعميم معاهد المهتمة بالفنون والرياضات الفردية والجماعية والبراعات اليدوية والفلاحة والبستنة وكل الاختصاصات التقنية والإعلامية و التكنولوجية التي من شأنها أن تسهم في رسم ملامح خارطة توجيه مدرسي ثم جامعي ناجعة تمكن من انتشال هؤلاء من الانقطاع المبكر والفشل و تتيح إلحاقهم بسوق الشغل ودمجهم في المجتمع ومخططات التنمية المستدامة.

وبعدها انقطع كل اتصال ولم تعد السيدة بربورة ترد حتى على الهاتف وانعقدت اثر ذلك اللقاء اليتيم ندوة بالحمامات قررنا نحن المتفقدين عدم حضورها لاننا مللنا الندوات وطالبنا بتفعيل التوصيات داخل الاقسام والذهاب مباشرة الى اتخاذ اجراءات عملية بيداغوجية تكوينية تكون اجدى وانفع، ثم وقع تغييبنا تماما من أعمال الفريق المهتم بالموضوع وفيه ممثلو منظمات كاليونسيف ولا اثر لاي انجاز يذكر حدّ الان .

والنتيجة المؤلمة ان اطفال تونس يكونون كالعادة ضحايا الممارسات البيداغوجية البعيدة كل البعد عما يتطلبه التعليم الدامج وسيجتازون امتحانات موحدة في السادسة ابتدائيا يصلحها مدرسون غير معلميهم دون ابسط شروط تجيز القول بالانصاف وتكافؤ الفرص.

 

أضف تعليقا أو اطلب استشارة حول الموضوع أعلاه الدخول إلى فضاء الإستشارات عن بعد
يتمّ الاحتفاظ بما تكتبه في فضائك الخاصّ دون نشر للعموم، ولا يطّلع عليه إلّا مستشارونا وفريق أورينتيني.   إرسال  

تعريف

هذا الموقع يهدف إلى تقديم معلومات ونصائح ووسائل عمل تساعدك على الاستعداد و اتخاذ القرار سواء كان ذلك في ميدان التعليم، التكوين المهني أو التشغيل. لكنه ليس موقعا رسميّا وهو مستقلّ تماما عن ايّ وزارة أو إدارة رسميّة تعمل في مجالات التوجيه أو التعليم العالي أو الثانوي أو التكوين المهني أو التشغيل.

آراء القراء

Top